تعليم من النهاية!

بسم الله الرحمن الرحيم
وعلى الله فليتوكل المؤمنون،

تعليم القيادة أمر شاق في الحقيقة. خاصة حين يكون المتعلم شخصا صعب المراس وبطيء الاستجابة وقليل الجرأة. لذلك تجد أكثر المدربين أشخاصا فقدوا صبرهم.

فالقيادة تتطلب من السائق أن يركز نظره في جميع الاتجاهات، وأن يركز سمعه وحسه في السيارة وخارجها، وتتطلب التحكم باليد في المقود والاشارات وناقل الحركة، وأيضا التحكم بالرجل في الوقود والفرامل وناقل الحركة العادي أحيانا. كما يتطلب منه فهم اشارات المرور والإستجابة السريعة لمتطلبات القيادة في الشارع العام.

كما ذكرت سابقا، كون المدرب قليل التهيئة أو يعدمها تماما. فإنه وبدلا من تدريج المتدرب في المهارات اللازمة للقيادة، تجده يسلمه السيارة ويوجه الأوامر له بلا انقطاع مسببا ارباكا وضغطا نفسيا وعضليا على المتدرب، أضف لذلك أن تدريب القيادة لا يجري في مدرسة مغلقة بل في الشوارع الصغيرة ابتداءا ثم الشوارع العامة، ما يزيد من ربكة المتدرب.

اتساءل حقيقة لماذا لا يتدرج المعلم في تدريب المتعلم على مهارات القيادة، ربما أكون مخطئا لكني أتصور أن تعليم المهارات المذكورة أعلاه شيئا فشيئا أفضل بمراحل من تلقينها كلها مباشرة لمتدرب يكاد لا يفقه حتى اسماء ما يذكره المدرب، وهل يمكن لوم المتدرب في أي حال؟؟ بالطبع لا، مسؤولية المعلم أن يعلم المتدرب ويقوده خطوة فخطوة في مسار التعليم.

لا يوجد لدينا شيء اسمه قياس معرفة المتدرب قبل البدء بالتدريب، لأ. على الطالب أن يستوعب الكم الكبير من الارشادات وأن يطيع الأوامر من المدرب مباشرة من أول يوم في التعليم. هل هذا تعليم؟

يجب أن يسبق التعليم العملي تعليم نظري، تعريف بمسميات مكونات السيارة وطريقة عملها وقوانين المرور، أكاد أجزم أن لا يوجد معلم أمسك قلما وورقة قط في تعليمه. كما يوجد في التعليم الأكاديمي صعوبات تعلم، يوجد هذا في تعليم القيادة أيضا، وبالتأكيد فإن علاجه ليس برمي المتعلم في معمعة القيادة.
يتبع التعلم النظري تقييم قدرة المتعلم على القيادة وإلمامه بالأمر. ثم يأتي التدريب. لكن أن يؤتى بالمتعلم ويُدرب بادئ ذي بدء، فهذا أمر لم أفهمه يوما.

ولا أرى اطلاقا أن التدريب الذي يقوم به المدرب في الشوارع المستقيمة القليلة الحركة يجزي عن التدريب النظري والتقييم الأولي. فهذا وإن نجح في تعليم القيادة للبعض، فإنه أهمل جوانب أساسية تظهر نتيجة اهمالها في المرحلة التالية حين تظهر كل نواقص الطالب في الشارع العام وفي أوقات الزحمة. ثم يلقي المعلم اللوم على الطالب وغباءه وسوء تدبيره.

لا أحب عادة إطلاق النقد لمجرد النقد. كل أملي أن يتغير هذا الوضع إلى حال أحسن، لهذا يجب أن نتكلم. دائما نكرر أننا نبدأ من حيث انتهى الغير، لماذا لا يمكننا هنا تطبيق هذا القول؟؟؟

ليست هناك تعليقات: